(انظر تحت قدميك وابني) ذلك الشعار الذي أطلقه هذا المعماري العظيم حسن فتحي, والذي عاد بالانسان إلى أصالته من خلال استخدامه لمفردات تخطيطية ومعمارية من العمارة العربية التقليدية .
حسن فتحي ذلك المعماري الذي تحدث عن عميله قائلا: العميل الذي يعنيني هو من تمثله الإحصائيات التي تشير إلى أن هناك 800 مليون من البشر في العالم الثالث يموتون موتا مبكرا بسبب الإسكان الشائه غير الصحي .. هذا هو العميل الذي على المعماري الاهتمام به ولكنه لا يفعل .. إن الأمر يشبه الطبيب حافي القدمين في الصين .. إن هؤلاء يحتاجون إلى معماري حافي القدمين.
حسن فتحي معماري مصري وُلد في عام 1900م، وكانت له معاناته الكبيرة من جراء سيطرة الثقافة الغربية على أفكار مهندسي تلك الفترة والتي لم يسلم منها حتى بعض زملائه الذين سايروا، وجاملوا، وقلدوا شتى النزعات الغريبة. وترجع أهمية حسن فتحي إلى كونه أول من شخّص مركب النقص عند المعماريين المصريين إزاء منجزات العمارة الغربية.
هو رائد العمارة العربية المعاصرة الأول، و من أصدق الذين دعوا إلى عمارة محلية ترتبط ببيئتها و تراثها، ليس على المستوى العربي فحسب، و إنما على المستوى العالمي أيضا. ولد حسن فتحي في الإسكندرية عام 1901، و أنهى دراسة الهندسة في جامعة القاهرة عام 1923، كما حاز على الدبلوم في العمارة و الفنون من جامعة باريس عام 1927.
لم يؤخذ حسن فتحي ببريق الطراز العالمي للعمارة الحديثة الذي عاصر بزوغه و تبلوره، و الذي غزا شتى أصقاع المعمورة، و إنما نذر نفسه لفكرة إعادة إعمار الريف المصري من خلال رؤية فلسفية و عمارة تقوم على احترام المعطيات البيئية و الاجتماعية و التآلف معها، و تركز على مراعاة الإمكانيات الاقتصادية المتاحة للفقراء في نفس الوقت الذي تطمح فيه إلى طابع جمالي معبر، و محاور بصرية عمرانية و معمارية هامة.
موقفه من الأصالة و التراث
لقد جسد حسن فتحي من خلال أعماله و كتاباته نظرة فلسفية خاصة تستمد قوتها من عمق و أصالة التراث الحضاري و المعماري العربي،و تمثل في تصاميمه التخطيطية النوى و التشكيلات التراثية التقليدية التي تزخر بها مدن مصر و ريفها، و قد جاء النسيج المعماري للقرى التي قام بوضع تصاميمها عبارة عن تكوينات و تشكيلات عمرانية متلاصقة تتسم بالبساطة و تعدد الكتل و تنساب بشكل عفوي لتلتقي عند الميادين و الساحات الصغيرة لتنطلق من هناك مجددا في اتجاهات تلقائية متشعبة. استمرار هذه الرؤية أيضا فقد وظف حسن فتحي العناصر و المفردات المعمارية التراثية الأساسية "الفناء الداخلي – القباب و القبوات – الإيوانات – الملاقف – المشربيات – المقرنصات” في جميع أعماله بعد مطابقتها لوظائف العمل المعماري المحدد و بيئة الموقع ” صحراوي – ريفي – مدني "
الجوانب البيئية و الإنسانية في عمارة حسن فتحي
لقد اكتسبت الجوانب البيئية بإسقاطاتها المختلفة أهمية استثنائية في عمارة حسن فتحي، فقد جاءت أعماله منسجمة مع بيئتها و مناخها و متمثلة للدروس و العبر التي يوضحها تراثنا الحافل على هذا الصعيد. لقد آمن حسن فتحي بأن المبنى كالنبات يخرج من الأرض التي ينمو عليها. كما ناهض حسن فتحي الاستخدامات و الأساليب المعمارية التي لا تحترم طبيعة البيئة فهو ينتقد استخدام المساحات الزجاجية الواسعة و كاسرات الشمس في المناطق الحارة، كما يعتبر أن العمارات الشاهقة ليست إلا شتيمة للمارة.
و لقد علم حسن فتحي أن العمارة ليست مجرد مأوى فحسب، بل هي تعبير حي عن وجدان الإنسان و تحقيق لرغبته في الانتماء و ميله الغريزي إلى التواصل الاجتماعي. و قد كان حسن فتحي يعيش مع الناس و يستطلع آرائهم، كما كان يدرس تقاليدهم و أعرافهم و يتحسس أحزانهم قبل أن يقدم على اتخاذ قراراته التصميمية.
الرؤية الجمالية و الطابع العمراني عند حسن فتحي
لقد اعتمد حسن فتحي على معايير جمالية خاصة استنبطها وفق رؤيته الذاتية من ملامح العمارة الشعبية و المحلية التقليدية، التي تختلف و تتنوع باختلاف الاقليم و البيئة المكانية. فقد عكست عمارته الطينية بساطة مادة البناء الأساسية و تواضع كتله و توازنها. بشكل عام اتسمت أعماله بالتلقائية و البساطة و البعد عن التكلف، كما اتسمت بسيطرة الخطوط الأفقية و انتقالها بليونة و تدرج. اعتمد حسن فتحي أيضا على القباب و القبوات و أبراج الحمام التقليدية المتناثرة بشكل عفوي لكسر الرتابة و إدخال التنويع و التشويق في تكويناته العمرانية و المعمارية. كما يتأكد الطابع الجمالي في عمارة حسن فتحي من خلال التأكيد على المحاور البصرية الهامة و الترابط البصري للتكوينات و التشكيلات المتجاورة، و الحوار البصري ما بين التكوينات و الخطوط المشكلة للواجهات المتقابلة.
مواد البناء، أساليب الإنشاء و البناء التعاوني ” البناء مع الشعب”
سعى حسن فتحي إلى الوقوف على مواد الإنشاء الأكثر توافقا و التي تتناسب مع القدرات المادية للمجتمعات الفقيرة، و قد رأى من اللِبن المصنوع من الطين و القش المجفف بالشمس الأمل في إعادة بناء الريف المصري، الذي كان يعاني من أقسى أنواع الفاقة و الحرمان في الأربعينيات من هذا القرن. في دعوة صادقة إلى استخدام مادة البناء البسيطة و المتاحة هذه يقول حسن فتحي: "انظر تحت أقدامك و ابني”
أشهر أعمال حسن فتحي:
قرية القرنة الجديدة
قرية باريز الجديدة
معهد الفنون و الحرف الشعبية في منطقة الهرم
مسكن رياض فؤاد
مسكن خاص بأبي صير في منطقة الهرم
مسكن صدر الدين آغاخان في أسوان عام 1980
مسكن حسن رشاد في الأبيار بطنطا 1985
استراحة أندريوني بالفيوم عام 1984
مسجد دار الاسلام بنيومكسيكو
ندعوكم ل التسجيل أو الدخول بٱسمك بالموقع.